تمهيــــد:
يعد محمد الشريف أمزيان من أبطال المقاومة الأمازيغية المغربية في القرن العشرين إلى جانب محمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى أوحمو الزياني وعسو أوباسلام وآخرين. وقد واجه محمد الشريف أمزيان من جهة أولى بوحمارة الذي أرعب السكان الريفيين نهبا وفتكا وإذلالا ، وعاث فيهم إفسادا وتخريبا إلى أن طرده الشريف خاسئا منكسرا من عاصمته قصبة سلوان، ومن جهة ثانية قاوم المحتل الإسباني لمدة ثلاث سنوات إلى أن استشهد في 15 ماي سنة 1912م بقبيلة بني سيدال بعد أن باعه إخوانه من قومه وعقيدته إلى جينيرالات الإسپان طمعا واسترزاقا.
هذا، و قد كانت مقاومة الشريف للدعي بوحمارة من الأسباب التي أدت بع إلى نهايته إبان عهد مولاي عبد الحفيظ على يد القائد الشجاع الناجم الأخصاصي، كما أن مقاومة الشريف للمحتل الإسپاني أخرت تغلغله في منطقة الريف لاستغلال ثرواته المعدنية عدة سنوات. إذاً، من هو محمد الشريف أمزيان؟ وماهي الأسباب التي ساهمت في ظهور مقاومة البطل الريفي الأول؟ وماهي أهم المراحل التي قطعتها هذه المقاومة ؟ وما هي النتائج التي ترتبت عنها داخليا وخارجيا ؟ هذا ماسنعرفه في هذه الدراسة المتواضعة.
1- من هــو محمد أمزيان؟
من المعروف تاريخيا أن محمد أمزيان هو الشريف سيدي محمد أمزيان بن الحاج محمد بن حدو، ويمتد في نسبه إلى شرفاء الأدارسة، الذين بدورهم يمتدون في شجرتهم السلالية إلى آل البيت النبوي الشريف. و قد أكسبه هذا النسب الجليل مكانة دينية وروحية واجتماعية كبيرة بين قومه الريفيين، وأضفوا عليه نسب الشريف إشادة به وتعظيما.
وعلى أي، فقد ولد الشريف الصوفي الزاهد في قبيلة بني بويفرور قرب مدينة الناظور سنة 1859م أو 1860م تقريبا، ودرس القرآن الكريم بالكتاب، واحترف تجارة البغال والأبقار التي كان ينتقل بها بين الريف والجزائر. وتولى شؤون زاوية أبيه مع إصلاح ذات البين ومعاملته للناس معاملة حسنة وغيرته الشديدة على الوطن والدين وإخماد الفتن والقلاقل والقضاء على الإحن والأحقاد التي انغرست في نفوس الريفيين وتجذرت فيها بسبب ميلهم إلى القتل والاعتداء والنهب والثأر إبان عهد السيبة وضعف الحكم المركزي في منطقة الريف، لذلك نال الشريف ثقة الأهالي وأضفت عليه قبائل قلعية وقبائل الريف صفات التشريف والتقدير والاحترام.
ونظرا لسمو أخلاقه، كان يرافق كل من يريد الهجرة إلى الجزائر للعمل في الزراعة والفلاحة، وكان الشريف ذا نفوذ كبير بين قبائل الريف دينيا وروحيا واجتماعيا واقتصاديا ؛ لكونه من كبار الملاكين والأغنياء يحسن إلى الضعفاء والمساكين، ويميل إلى الزهد والتقوى والورع على الرغم من ثرائه وكثرة غناه. وكرس حياته كلها للجهاد في سبيل الله وتوحيد قبائل الريف لطرد اللعين بوحمارة والتخلص من المحتل الإسپاني. وقد استشهد الشريف في معركة عزيب علال أوقدور في 15 مايو 1912م ببني سيدال على يد المتعاونين مع الاستعمار وبالضبط على يد السرجان القائد محمد حسني التابع لفرقة الريگولاريسRegulares تحت إمرة الكاپورال كونثالو ساوكو Gonzalo Sauco. وقد دفن الشريف أمزيان في بلدة أزغنغان، وسماه المغفور محمد الخامس بطل الريف الأول.