تنتمي "ثكزّانت" إلى فئة من المتطببين الشعبيين، الذين يزاولون حرفة العلاج والتطبيب، وذلك باستعمالهم لأدوات وتقنيات تقليدية قديمة.
قبل أن أتعرض إلى مهام وخصوصيات هذه المجموعة أريد أن أذكر أن دارسي المعتقد الشعبي المغربي لم يتفقوا على أصل واشتقاق كلمة ثكزانت. فالباحث الفرنسي Doutté الذي تعتبر دراساته مرجعا فيما يتعلق بالطقوس والعادات المغربية، يرجع مصطلح "ثكزانت" إلى أصل عربي، ويزعم أنه اشتق من فعل "جَزَلَ"، لكن طرأت عليه تغيرات، حاله حال الكلمات العربية المبتدئة بحرف الجيم، إذ تصبح في الدارجة المغربية كيما (بحرف g). على سبيل المثال كلمة جزار تصبح كزار (بحرف g )1. وقد كان هذا رأي أستاذي المستشرق Singer أيضا. هكذا إذن يصبح أكزان/ثكزانت مشتقا من فعل كزَّنَ بمعنى المبشر بالأخبار السارة.
لكن بعد البحث اتضح لي أن رأي هذين الأستاذين يجانب الصواب، إذ أن مصطلح "أكزّان" كلمة أمازيغية مركبة من فعلين أو فعل واسم. وهما: أَكْ بمعنى قُم، إَفْعَلْ، ضَعْ في حالة الأمر(2)، والجزء الثاني من الكلمة وهو أَزَّانْ أو أَزُّونْ، وهو ذبح حيوانا وسلخه بمعنى إبعاد الجلد عن اللحم وفي هذا السياق قد يكون أيضا إنسانا.
اعتمادا على هذا التحليل أعتقد أن كلمة أكزان/ثكزانت أطلقت في بداية الأمر من طرف الأمازيغيين على من زاول هذه العملية، عملية القيام بذبح حيوان بالأخص وإهدائه قربانا إما للآلهة أو الأرواح التي كانت عند الشعوب القديمة تُخشى، ويأمل الإنسان التقرب منها لتحقيق أغراضه وأهدافه الاقتصادية والاجتماعية.
هذا الاعتقاد والتصور الذي أفترض صحته يزيد من تأكيده وإثباته ما ذهب إليه الباحث الفرنسي Laoust، والذي يرى أن agusen يطلق على آكل لحوم البشر(3). ولقد سبق للباحث الإنجليزي Westermarck أن ذكر أيضا أن أمازيغي منطقة حاحا وسوس كانوا يعتقدون في كائنة تدعى ثَكْزَنْتْ أو ثَكُوزَنْت، كانت تظهر عندهم في الليل وتأكل كل من تلتقي به في طريقها من البشر(4).
أعتقد أن هذه الكلمة قد تغير معناها مع مرور الزمن حتى أصبحت تستعمل كمرادف للكلمة العربية عَرَّافة. في هذا السياق نفسه يجب أن لا ننسى أن "ثكزانت" المصابة بالجن تشرب في بعض المواسم التي تقيمها زاويتها الدم وتأكل اللحم طريا، هذا يدعم أيضا الفرضية التي انطلقت منها وهي أن كلمة أكزان/ثكزانت أمازيغية الأصل، غالبا ما يستعملها فقط أبناء مازيغ، أما الذين يتحدثون الدارجة المغربية فيستبدلونها بكلمة شَوَّافة.
المراجع:
1- Doutté, Edmont, Magie et Religion dans l’Afrique du Nord. Alger 1904. P. 44.
2- Laoust, Emill. Contribution a une étude de la toponymie du Haut Atlas. Paris 1940. P. 76.
3- Laoust. Emill. Ibid.
4- Westermarck, Edward. Ritual and Belief in Morocco. Bd. 1. London 1926. P. 397.