¤©§][§©¤][شبكة منتديات أحلى ناس][¤©§][§©¤ ¤©§][§©¤][WWW.AhLa-NaSs.CoM][¤©§][§©¤ |
|
| جيش التحرير المغربي أو الحلم الامازيغي المؤجل / دراسة مهداة للمعتقلين | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Thaziri مستشاره إدارية
عدد الرسائل : 500 العمر : 37 رقم العضوية : 46 البلد : مزاجي : رسالتي :
الوسام : تاريخ التسجيل : 14/01/2008
| موضوع: جيش التحرير المغربي أو الحلم الامازيغي المؤجل / دراسة مهداة للمعتقلين الثلاثاء 24 يونيو - 11:20 | |
| : إن الشروع في البحث في تاريخ جيش التحرير المغربي تكتنفه مجموعة من الصعوبات التي تطرح على عدة مستويات , المستوى الأول يتحدد بما هو سياسي أي عدم قدرة المؤرخ والباحث المغربي على إثارة السؤال ونفض الغبار عن بعض الطابوهات التي تحكم تاريخ المغربي وتجعله بعيدا عن التناول الديمقراطي الجماهيري , فالخطوط الحمراء التي رسمت دوما أمام الباحث قليلا ما يقوم بتجاوزها , وان قام بذلك فانه يتعرض للزجر من طرف السلطة المسيطرة على وسائل إنتاج المعرفة التاريخية . المستوى الثاني يتحدد بما هو سيكولوجي ملازم للطبيعة البشرية , وان كان له ارتباط بالسير العام للبحث التاريخي المغربي , وبالسلطة الحاكمة , فالباحث مازال يرتكن إلى المقاربات التقليدانية الموروثة عن خطابات الحركة الوطنية المغربية , التي تستهجن وتخون من العمل المسلح والتحرري , الذي كان ضدا على التوجه السياسي المهادن لأحزاب الحركة الوطنية قبل وأثناء " استقلال" المغرب , وقد تم تكريس هذا التوجه في سلوكيات الإنسان العادي والإنسان الباحث على السواء عن طريق وسائل وآليات الضبط والتحكم كالمدرسة والإعلام والمنظمات السياسية . المستوى الثالث – وهو مرتبط بالمستويين الأول والثاني- يتمظهر في طبيعة التراكم على مستوى البحث التاريخي , الذي قام بتناول قضية العمل المسلح عموما وجيش التحرير خصوصا , فالتمعن في المصادر والمراجع والمذكرات تؤدي بنا إلى الاستنتاج – ولو بشيء من المغامرة – أن لا شيء كتب عن جيش التحرير يرقى إلى مستوى إنتاج معرفة ذات حمولة علمية وموضوعية , تكون خارجة عن رهانات السياسي ومنفتحة على رهانات الباحث العلمي الذي يتوخى الدقة والموضوعية . هكذا إذن كان التناول. وان كنا لا نعتبر هذه الدراسة المتواضعة ستقوم بحل هذه الإشكالات, فحسبنا أن تقوم بفتح باب النقاش حول هذه الفترة الغامضة من التاريخ السياسي لمغرب الفترة الحديثة. فكيف إذن تعاملت " المدرسة التاريخية المغربية " مع تاريخ جيش التحرير ؟ وما مدى مساهمة عبد الكريم الخطابي في دعم الحركة التحررية المغاربية ؟ وكيف كانت انطلاقة جيش التحرير ؟ وما مصيره بعد " استقلال " المغرب عن فرنسا ؟ جيش التحرير المغربي ومفارقة التاريخ الرسمي للواقع: 1- التاريخ بين الهيمنة وديمقراطية البحث : " إن شعبا يجهل حقيقة تاريخه ليس محكوما عليه أن يعيد إنتاج هذا التاريخ فحسب , بل لا يعتبر شعبا أصلا , لآن الشعب مكون , ومشكل , ومتكهن له بتاريخه الذاتي , التاريخ الحقيقي وليس التاريخ المبتدع أو الخيالي " أنتونيو كالا . إن الشعوب التي صنعت الملاحم قلما تبرز على مسرح التاريخ , فالتاريخ يكتبه المنتصرون , وحروب ونضالات الشعوب والجماعات تنتقل من ساحات الحرب إلى ساحات التاريخ , والمعركة تحسم لمن يمتلك العدة والعتاد التاريخيين . فكثير من الأحداث التي عرفها تاريخ البشرية وصنعت أمجاد شعب ما , تتوارى إلى الوراء والى غياهب النسيان ويمر عليها مرور الكرام في المقررات المدرسية وفي التناول والبحث التاريخيين .وبالتالي يصبح التاريخ مجرد أداة من الأدوات الإيديولوجية المستعملة في ممارسة القتل البطيء على الذاكرة الجمعية والفردية للشعوب المغلوبة على أمرها. واستبعاد الحقائق لاستحضار الأكاذيب والأساطير- بنوع من الوعي بها- يعد جريمة وعنف رمزي ممارس من طرف النخب المسيطرة على حقول البحث وعلى مراكز البحث العلمي , بل يمكن اعتبار الخلفيات الإيديولوجية المستعملة لإقبار تاريخ الشعوب خلفيات متخلفة باعتبارها تؤبد وتكرس التراجع والاسطرة ( من الأسطورة ) التي تعرفهما حقول البحث التاريخي . فإلى أي حد يمكن اعتبار أن " المدرسة التاريخية المغربية " لم تسلم هي أيضا من هذه المعيقات الواعية ؟ إن تاريخ المغرب لم يجد بعد ذاته التاريخية فهو ممزق بين مدارس مختلفة ومتنوعة إلى حد التناقض والتنافر , لكن الإشكال ليس هنا باعتبار أن من حق أي مؤرخ الاختيار بين المناهج التاريخية التي تناسبه وتناسب مجالات بحثه , الإشكال هو في التناول ألتجزيئي المغيب لفترات والمركز على فترات أخرى أصبحت مستهلكة , ثم استبعاد الذات لا بمفهومها الفردي ولكن بالمفهوم الجمعي الشامل الذي بدونه يصبح التاريخ مجرد اجترار لنظرة " الأخر " عن ذلك البلاد ألعجائبي الساحر . الذات تستدعي منا القطع مع كل ما يشوه التاريخ ويجعله مجرد اجترار أقوال السلف أو جعله مادة تستهدف تكوين الناشئة كما قال عبد الله العروي , فالتاريخ أبعد من ذلك بكثير فهو ذاكرة الشعوب تستدعي منا الدقة والموضوعية والأمانة في تناوله. فكثير ما بني هذا التاريخ على الأكاذيب والتشويهات والأساطير والتي تنتقل – مع فرط استحضارها بشكل يومي- من الميثي إلى الواقعي وبالتالي تصبح لحظة من اللحظات المؤسسة لتاريخ جماعة ما , فتاريخ البشرية يشبه إلى حد ما تاريخ الكرة الأرضية حيث انتاح طبقات جيولوجية متراصة , لكن تاريخ البشر يتحرك يشكل أسرع من تاريخ الأرض والذي يولد هو الأخر طبقات سميكة تحتاج إلى البحث والحفر والتنقيب. إن الطبقات المتراصة التي يخلفها التاريخ الأسطوري تحتاج إلى عقليات واعية بوجودها والى وسائل وآليات التنقيب والحفر والى جيش من العاملين ينزل بمعاول النقد عليها والى متخصصين في تحليل الطبقات التاريخية لتحديد مكامن ترسب التشويهات فيها لمعالجتها. إن من أمراض البحث التاريخي المغربي هو سيطرة نخبة معينة على هذا الحقل نتيجة عوامل تاريخية وسياسية بالأساس , هذه العوامل حسمت " السلطة التاريخية" لمجموعة من الباحثين المغاربة , مدتهم الدولة بالوسائل المادية والمعنوية وحصنتهم بسياج أحمر في معاهد ومراكز البحث وفي الجامعات , فيما عاش الباحثين التاريخيين الآخرين على هامش التاريخ , وبتهميشهم تم تهميش تاريخ جزء كبير من هذا الشعب , ليغيب بذلك تاريخ الجبال في مقابل تاريخ الحواضر وتاريخ الثقافة الشفهية في مقابل تاريخ الثقافة العالمة وتاريخ الأفراد والجماعات في مقابل تاريخ السلطان والحاشية . تكريس مفهوم السيطرة في البحث التاريخي ضدا على ديمقراطية البحث يجعل الشعوب تعيش نوعا من " السراب التاريخي" حيث تظهر " الحقائق" لا كما هي لكن كما أريد لها أن تكون , وبالتالي يصبح هذا الشعب مستعدا لتقبل كل شيء عن ماضيه وقابلا لإعادة تكرار كل شيء بدون نقد أو تفكيك . فسلاح النقد يغيب عند الشعوب المسيطر عليها , وعندما يغيب هذا السلاح يصبح الفرد ومعه الشعب مجرد شيء أو سلعة أو مادة قابلة للضم والامتلاك حسب تعبير هيجل , وبذلك تتدنى مراتبه في السوق الدولية للممتلكات الرمزية . فمن مصلحة الفئة المسيطرة على وسائل إنتاج المادة التاريخية والخادمة لتأبيد إيديولوجيتها والتي توافق إيديولوجية الدولة أن تبقى الفئات الممانعة على مستوى البحث التاريخي على الهامش , وممارسة هذا السلوك الاستبدادي ينم عن وعي بقوة الفئات المناقضة وقدرتها على خلخلة وتكسير التحالفات التي تستهدفها , فتاريخ الهوامش والفئات المهمشة قلما يتناول في الأبحاث التاريخية في نطاق الدول المتخلفة على مستوى أنظمة الحكم , لأنه ليس من مصلحتها تحريك المياه الراكدة والتي لن تكون إلا وبالا على استقرارها المزعوم . والمؤرخ المغربي لم يسلم هو أيضا من تبعات ذلك , فبمجرد ما قام المؤرخ علي صدقي أزايكو أوائل الثمانينات بتحريك موضوع من موضوعات الهامش المغربي حتى تحركت معه آلات القمع لإيقافه وإيقاف الدورية التي نشرت دراسته , وهنا ينبع كما قلت خطورة البحث التاريخي في تناوله لظاهرة الهامش في الأنظمة المتخلفة وتبعات ذلك سواء على نفسية الباحث عندما يتم منعه أو لدى السلطة القامعة بتفكيرها في آليات احتواء الأصوات الممانعة والتي تسمع من أطراف الهوامش . إذن فبلد مثل المغرب ما زال يحتاج إلى قوة دافعة من الأسفل نحو الأعلى لتحقيق الاستقلالية على مستوى البحث التاريخي ومناهجه والى مسائلة لبنيات تاريخ المغرب الرسمي وخلخلة تركيباتها المؤسطرة والمغلفة بالأكاذيب بامتلاك قدر من الشجاعة والجرأة لطرح اللحظات التأسيسية لتاريخ المغرب على محك التساؤل والنقد الموضوعيين. ومن بين المواضع التي غيبت بوعي مدروس من تاريخ المغرب نجد جيش التحرير المغربي وتاريخ المقاومة المسلحة بصفة عامة لاعتبارات متعددة يتداخل فيها السياسي بالإيديولوجي ليقومان بدور المعيق والحاجز أمام ديمقراطية البحث والمعرفة التاريخيين. 2- استبعاد جيش التحرير من تاريخ المغرب: لماذا ظلت الكتابة في تاريخ جيش التحرير المغربي مقترنة بمجموعة من التناقضات لا تحتمل الفهم ؟ وكيف ظل بعض المؤرخين والسياسيين ينتقصون من دور جيش التحرير في تاريخ المغرب ؟ ثم لماذا السكوت عن ملاحم ومعارك هذا الجيش والتي زحزحت قناعات المستعمر في قوة جيوشهم ؟ . إن الإهمال المتعمد لهذا التاريخ تظهر تجلياته في مجموعة من المجالات من بينها : - كتابات الحركة الوطنية التي لم تشر إلى جيش التحرير إلا لإعطاء صورة مشوهة عنه أو محاولة اعتباره مجرد تابع لها بخلق زعامات وهمية له . - كتابات ودراسات المؤرخين المغاربة التي تتناوله في فقرة أو فقرتين والخلط الذي يقع لها بين قيادات هذا الجيش وبين جيش التحرير بالريف وجيش التحرير بكل من الجنوب والجنوب الشرقي... - المقررات الدراسية والتي لا تلمح حتى بجملة وحيدة لهذا الجيش. - اعتبار بعض الأحداث التاريخية أعيادا وطنية ( تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال...) وإغفال الأحداث اكتر أهمية صنعت تاريخ المغرب المعاصر ( معركة أنوال...) مع العلم أن الأحداث المحتفل بها لا تمثل شيئا يذكر مقارنة بمعارك المقاومة المسلحة وجيش التحرير, بل هي مجرد لحظات أو ردود فعل أكثر من صيرورة نضالية مدروسة ومنظمة. - حينما يصادف يوم 18 يونيو يوم الاحتفال بالمقاوم فهو يصادف ذكرى وفاة الزرقطوني بعد تناوله حبة سم بعد إلقاء القبض عليه من طرف المستعمر الفرنسي , وبذلك يتم غض الطرف مثلا عن يوم 2 أكتوبر 1955 الذي يصادف انطلاق عمليات جيش التحرير . - التبخيس من كل فعل نضالي يقوم على حمل السلاح ضد المستعمر والإعلاء من العمل السياسي التفاوضي باعتبار الأول عملا فوضويا يعتمد على العنف والإرهاب والثاني عمل سلمي حضاري راقي تمارسه الفئات المثقفة والواعية في مقابل أن السلاح لا يحمله إلا الرعاع , وبذلك يمكن فهم لماذا تم اعتبار نضال المقاوم الحنصالي بإقليم أزيلال جرما وإرهابا يستهدف الفرنسيين . لقد لعبت كل من النخبة المثقفة في مجال البحث التاريخي و النخبة السياسية الانتهازية أدوارا كبيرة في الحصار التاريخي الذي مارسته على جيش التحرير بتغييبه المقصود من تاريخ المغرب , وبالتالي وجد رجل السياسة مبرر إقصاء الجيش من المقررات الدراسية نظرا لقلة وغياب المصادر والكتابات التاريخية التي تناولت جيش التحرير . انه تاريخ محاصر بكل ما للكلمة من معنى , حوصرت قياداته من أمثال عباس المساعدي والهاشمي الطود وحدو أقشيش... وأصبحت مجرد أسماء تزين بعض الكتابات التاريخية ويمر عليها مرور الكرام , دون التساؤل مثلا عن حيثيات اغتيالهم ومن يقف وراء ذلك الفعل الجبان , ومن يتحمل – بعد مغرب الاستقلال- مسؤولية إيقاف جيش التحرير وإعاقة سيره نحو تحرير شمال إفريقيا وتوحيد الحركات التحررية على مستوى هذه الأقطار . لقد كانت هناك كتابات قليلة تعد على رؤؤس الأصابع حاولت الاهتمام بجيش التحرير وتقديم خدمات لهذه الفئة التي ناضلت بقوة السلاح لدحر المستعمر فأرخت لها بعيون موضوعية ولو نسبيا. لكن الإشكال الكبير يطرح على مستوى الاتصال بالقيادات الميدانية التي شاركت عن بعيد أو قريب في تكوين الجيش والدخول في حرب ضد العدو, غياب هذا الاتصال أبرز الفراغ الكبير الذي أرخى بظلاله على جوانب من تاريخ الجيش. وبالتالي فتاريخ جيش التحرير يبقى دائما دون أجوبة نهائية أو حاسمة بغياب الاتصال المباشر مع قياداته التي ما زالت على قيد الحياة وفحص ودراسة مذكرات أبناء الجيش سواء المنشورة أو المخطوطة بخط اليد. ومع ذلك تبقى جوانب حساسة من تاريخ نضال الجيش في حاجة ملحة إلى مزيد من النبش والتوضيح عن الحقائق الغائبة والمغيبة , من أجل فهم أوضح وسليم لتاريخ المغرب وسيرورة العمل التحرري في البلدان المغاربية , والشروط الموضوعية والذاتية التي تمكنت من إفراز تنظيم عسكري محكم ومنضبط يحمل على عاتقه مشروع التحرر من ربقة الاستعمار , وتوحيد مشاريع الكفاح المسلح مع الشعبين الجزائري والتونسي باعتبار المصير المشترك لهذه البلدان ومواجهتها للأطماع الاستعمارية . يمكن اعتبار إذن أن قوة هذا الجيش تمكنت من زحزحة قناعات وأفكار القوى الاستعمارية التي أعادت النظر في بديهياتها وجعلتها تفكر في بدائل قادرة على إسكات روح التحرر التي بدأت تسري في المجتمع المغربي , ومن ذلك تفكيرها في الدخول في " محادثات" ايكس ليبان مع نخبة من قيادات الحركة الوطنية والتي سقطت بوعي في فخ فرنسا الاستعمارية كمقدمة للإجهاز على جيش التحرير عن طريق اغتيال قياداته وإدماج آخرين في الجيش الملكي ...وهو ما سنتعرض له في الفصول اللاحقة. لكن في المستوى الأخر نرى أن الباحثين المغاربة استهانوا بتاريخ جيش التحرير ولم يستطيعوا تجاوز مجموعة من الحواجز التي تعيق البحث في هذا الميدان المحفوف بمجموعة من الأخطار السيكولوجية بدرجة أقل والسياسية بدرجة أكبر. 3- إشكالات أساسية في حاجة إلى نظر : لم يكن جيش التحرير مجموعة من الأفراد انتهت مهمتهم عند حمل السلاح لمواجهة الأطماع الاستعمارية, بل كانت هناك جوانب مظلمة تحتاج إلى المزيد من التنقيب والبحث تهم مسار الجيش وأفراده وقياداته... فمن ناحية تشكيلة الجيش فقد التحقت مجموعة من الأسر بالمنطقة الشمالية أي الخليفية واستقر معظمها لدى القبائل الريفية في ظروف صعبة للغاية باعتبار ضياع ممتلكاتها من أراضي وحيوانات ...ونلاحظ هنا الغياب النسبي لوثائق تبرز طريقة التنسيق بين هذه الأسر وبين مضيفيها في منطقة الريف. كما أن سكان بعض المداشر تحملوا مخططات المستعمر وعادوا من مخابئهم في الجبال بعد أيام إلى منازلهم , وشهدوا كل أنواع الإذلال وصلت إلى درجة تسليح بعضهم من أجل مواجهة إخوانهم المقاتلين في الميدان . إلى جانب ذلك عمل المستعمر على احتجاز رهائن منهم ووضعها طيلة الحرب رهن الإقامة الإجبارية بمركز " بورد" بمنطقة الريف, مما يبين عمق المآسي التي واكبت التأسيس والإعداد لانطلاق عمليات جيش التحرير. وقد كونت مجموعة من الأسر فرقا حربية يغيرون بها على القوات الفرنسية في مختلف المناطق التي اندلعت فيها حرب التحرير , لكن المعطيات المفصلة والتي تبحث في الشأن اليومي طيلة مدة الحرب تبقى غائبة لدى الباحث , وبدونها لا يمكن الإجابة عن أسئلة كثيرة من بينها كيفية التخطيط لمعارك الحرب أو طريقة التنقل بين الجبال والوديان والصعوبات التي وجدوها أثناء أدائهم لمهامهم الحربية . إن الميزة التي أضفت على هذا الجيش طابع الجيش الشعبي هو فرار العشرات من الجنود من الثكنات العسكرية للمستعمر , والتحاقهم بجيش التحرير في الجبال , هؤلاء الجنود وجب تتبع مسارهم وأسباب التحاقهم بإخوانهم المحاربين , لكن للأسف لا نجد إلا بعض الإشارات القليلة التي دونها بعض القادة الميدانيين في مذكراتهم والتي في غالبها لا تفي الحاجة المطلوبة . تعددت المراكز التي كانت تستقبل أعضاء جيش التحرير, لكنها لم تنل حظها من الدراسة والتساؤل, باعتبار أن هذه المراكز تمثل مادة دسمة للبحث نتيجة الدور كبير الذي لعبته على مستوى التخطيط للعمليات وإعداد المحاربين نفسيا وعسكريا...وتدبير شؤونهم اليومية, وبقيت الأسئلة مطروحة نتيجة هذا الفراغ, كيف كانت تدبر شؤون العمل العسكري والاجتماعي ؟ كيف كانت تنظم العلاقات بين مختلف الفرق ؟ لماذا تم اللجوء إلى تكوين فرق عديدة مستقلة بعضها عن بعض ؟ هل الأمر جاء عن طريق الصدفة أم اختيار تكتيكي ؟ ما هو دور هذه الفرق العديدة في إنجاح الحرب التحررية ؟ إن التاريخ لم يجب بشكل قطعي عن منطقتين لعبتا أدوار في جيش التحرير , قيادة الناظور وقيادة تطوان ( وهو ما سنتطرق له لا حقا ) , ففي بعض الأحيان تظهر أحداث توحي أن هناك صراع ظاهر وخفي بينهما من أجل الزعامة وتقاسم الأدوار نتيجة الاختلاف الكبير بين القيادات والعناصر المشكلة لكل مركز على حدا, واختلاف أيضا على مستوى خلفياتها السياسية والاجتماعية | |
| | | Thaziri مستشاره إدارية
عدد الرسائل : 500 العمر : 37 رقم العضوية : 46 البلد : مزاجي : رسالتي :
الوسام : تاريخ التسجيل : 14/01/2008
| موضوع: رد: جيش التحرير المغربي أو الحلم الامازيغي المؤجل / دراسة مهداة للمعتقلين الثلاثاء 24 يونيو - 11:24 | |
| خباش , منشورات إفريقيا 1989 ). بعد الإعلان عن الاستقلال الشكلي للمغرب بمباركة من القصر والحركة الوطنية بقيادة حزب الاستقلال , قام عباس لمساعدي بالاجتماع مع بعض أعضاء جيش التحرير وحاول تكوين قيادة موحدة بقبيلة اكزناية من أجل ضمان مخاطب واحد موثوق بتفويض أمر القيادة إلى الغابوشي لتمرسه على الانضباط العسكري , لكن مشروعه فشل لأسباب تبقى غير معروفة , لذا كان عليه الانتظار حتى ربيع 1956 عند تكوين قيادة عامة لجيش التحرير بأكنول , ليصبح زعيما لها بدون منازع , يأتمر كل القادة بأوامره , وظهرت مكانته بشكل كبير بعد عودته من القاهرة أواخر فبراير 1956 , حيث كانت له لقاءات مع الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي , الذي كان يدعمه سياسيا وماديا من منفاه بالعاصمة المصرية . وتتسلسل الأحداث بشكل درامي حيث سيحضر عباس لمساعدي بمعية رجالات جيش التحرير يوم 30 مارس 1956 الاستقبال الذي خصهم به الملك , ويروي عبد العزيز الدوائري أقضاض حيثيات وتفاصيل هذا الاستقبال وهو يشير إلى العديد من الإشارات القوية بخصوص علاقات عباس مع رجال الحركة الوطنية حيث يقول :" ذهبنا جميعا رؤساء جيش التحرير (...) إلى القصر الملكي (...) مرتدين جلابيبنا الريفية مسلحين تحتها بمسدساتنا الشخصية, وبينما نحن واقفون (...) إذ شاهدنا المرحوم عبد الخالق الطريس زعيم حزب الإصلاح الوطني آنذاك في تطوان يتقدم نحونا (...) فاعترض طريقه الأخ عباس المسعدي فقال له:" ماذا قدمت لرجال هذه الأسرة من عمل حتى تسلم عليهم أو تحييهم ؟ فتوقف عن المشي خجولا قبل أن يصل إلينا..." لقد كانت للرسالة التي بعثت لقيادة جيش التحرير بأكنول بتاريخ 4/6/1956- والتي تتضمن إرسال مجموعة من قيادات حزب الاستقلال وعلى رأسهم المهدي بن بركة للتفاوض مع قيادة الجيش – دلالة كبيرة في الإلمام بقضية اغتيال عباس لمساعدي , وقد جاء في مذكرات عبد العزيز أقضاض أنه :" بينما كان الإخوان (...) مجتمعين مع قادة جيش التحرير دخل عباس ووقف بالباب في حالة غليان فوجه كلامه للحاضرين (محمد البصري , المهدي بن بركة , اسعيد بونعيلات ) قائلا :ما ذا تعملون هنا أيها الزنادقة ؟ اذهبوا إلى الدار البيضاء إن كان لكم بها عمل , أما الريف فليس لكم فيه عمل وغادر الثلاثة الموقع في الحين ." لقد كانت أهداف مجموعة حزب الاستقلال واضحة تتجه نحو دفع جيش التحرير إلى إنهاء المعارك مع العدو على اثر رجوع محمد الخامس والتوقيع على معاهدات " الاستقلال" مع فرنسا واسبانيا , حيث بدأ الحديث إذاك عن إدماج الجيش في القوات المسلحة الملكية التي ستتأسس فيما بعد . بعد وقوع هذه الحادثة بأيام سيتم اغتيال عباس لمساعدي يوم 14 يوليوز 1956 من طرف من لم تكن له مصلحة في استمرار مقاومة جيش التحرير لبقايا المستعمر الفرنسي والاسباني في المغرب والجزائر , وقد اتهم آنذاك حزب الاستقلال بتدبير عملية الاغتيال وبالضبط المهدي بن بركة الذي كانت له خلافات مع لمساعدي أكثر من أي شخص أخر , حيث يستغرب بعض المؤرخين سكوت المهدي – الغير المبرر- عن الاتهامات الموجهة إليه وعدم دفاعه عن نفسه منذ 1956 إلى غاية 1965 غداة اغتياله بفرنسا رغم أن الدلائل التاريخية تعوزنا في تحديد المتهم الرئيسي إلا أن بعض البديهيات تفرض نفسها أثناء محاولة الإجابة عن سؤال من كانت له المصلحة في اغتيال لمساعدي ؟ إن بعض الشهادات التي قدمناها في هذا الفصل ربما تقربنا أكثر من الأطراف التي ربحت عدة رهانات بإبعاد عباس عن الساحة , من بينها حزب الاستقلال والقصر اللذين كانا المتضررين الأوائل من تواجد جيش التحرير ومن قائده لمساعدي , وإلا فكيف يمكن تفسير إدماج جيش التحرير في الجيش الملكي مباشرة بعد مقتل عباس لمساعدي؟ 2- "إدماج" جيش التحرير في الجيش الملكي: مباشرة بعد اغتيال قائد جيش التحرير عباس لمساعدي بتواطؤ بين حزب الاستقلال وبعض الأطراف التي لم تكن لها مصلحة في بقائه على قيد الحياة , قام النظام المغربي بالتفكير في الآلية التي ستمكنه من التحكم في الجيش وإيقاف تحركاته التي تزعج النظام الملكي والمستعمرين الفرنسي والاسباني خاصة بعد فسخ عقد الحماية , وبقاء بعض المناطق المغربية تحت الاحتلال , واستمرار الجيوش الاستعمارية في ثكناتها بمجموعة من المدن المغربية ...فكانت فكرة تأسيس جيش ملكي يوجد على رأسه الملك محمد الخامس وابنه الحسن كرئيس أركان الحرب ورضا كديرة كوزير للدفاع الوطني . كان ولي العهد الحسن, مهندس فكرة إدماج جيش التحرير لدى كان عليه الانتقال ليل نهار بالطائرة إلى الأقاليم التي تتواجد فيها مراكز الجيش , وبرفقته مجموعة من "قيادات " ما يسمى بجيش الرهوني بتطوان وعلى رأسهم عبد الكريم الخطيب . إن مذكرات أعضاء الجيش والكتابات التاريخية لا تقدم أي شيء عن الطريقة التي كانت تتم بها " مفاوضات" الإدماج بين الطرفين وعن ماهية الشروط والضمانات التي تم تقديمها للمقاومين. إن ما يبقى مجهولا وغامضا في تاريخ جيش التحرير بعد اتفاقيات ايكس ليبان هي الطريقة التي تم بها إقناع بعض قيادات الجيش للالتحاق بالجيش الملكي , , مع العلم أن " أدبيات " الجيش كانت تدعوا إلى عدم إيقاف الحرب التحررية إلا بعد نيل الاستقلال الكامل للمغرب والجزائر . إذا كانت سياسة الاغتيالات والتصفيات التي استهدفت قادة الجيش قد وصلت إلى تحقيق بعض من أهدافها مثل إضعاف قدرات الجيش على المستوى القيادي و على مستوى التحرك الميداني , فان السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف لم يستطع جيش التحرير إنتاج قيادات قادرة على الاستمرار في خطها التحرري ؟ وكيف أن اغتيال عباس لمساعدي كانت اللحظة التي أدت إلى نهاية جيش التحرير في المنطقة الشمالية ؟ إن الجيش الملكي لم يستطع إدماج مجموعة من القيادات الميدانية والتي كانت لها طموحات أكبر من خدمة أهداف دولة الاستقلال , فبعض العناصر تحولت مباشرة إلى الجبهة الجنوبية من المغرب لمقاومة الفرنسيين في موريتانيا, والأسبان في مناطق مثل أيت باعمران وطاطا واكلميم ... فيما التحق البعض الأخر بالأحزاب المغربية التي ظهرت مباشرة بعد " الاستقلال " وعند تتبع مسار البعض منهم ندرك أن روح التغيير الجذري كانت ولا تزال ضمن اهتماماتهم إلى غاية السبعينات , فيما اختار البعض الأخر – وخاصة الذين سبق لهم التواجد في جيش التحرير الجنوبي – تأسيس " جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" في بداية السبعينات . خاتمة: لقد كان جيش التحرير المغربي بالشمال المعبر الحقيقي عن طموحات الشعب المغربي في مواجه الاستعمار الفرنسي والاسباني , وكانت إستراتيجيته في المواجهة نابعة من تراث الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كأن أحد مهندسي ومؤطري الانوية الأولى التي قامت بتأسيس الجيش بقبائل اكزناية الريفية , وكانت تعليماته الموجهة إلى الحركات التحررية المغاربية تجد لها صدا من لدن القادة والمقاومين والذين جسدوها على الميدان في شكل حرب عصابات استطاعت أن تخلخل حسابات الاستعمار وأذنابه في المغرب وتقودهم إلى الارتماء في أحضان مخططات تستهدف إيقاف هذا المد التحرري وقد لعب النظام المخزني المغربي وأحزاب الحركة الوطنية دورا كبيرا في تصفية الجيش ومحاولة إبعاد صوته عن الساحة السياسية المغربية عن طرق الاغتيالات والدسائس واحتواء بعض المقاومين بفتح أبواب الإدماج في الجيش الملكي رغم أن البحث التاريخي في هذا الميدان ما زالت تكتنفه بعض الصعوبات على مستوى المادة التاريخية وعلى مستوى الهواجس الأمنية والسيكولوجية المرتبطة بعقد تم تكريسها لسنوات طوال في نفسية الباحث المغربي , والتي أدت به إلى البحث في التاريخ السياسي للدول والشخصيات وغض الطرف عن تاريخ الهوامش وتاريخ المبعدين عن التناول التاريخي الرسمي , مما أدى إلى تشكل نوع من القطيعة بين الإنسان المغربي وبين تاريخه بمحاولة ربطه بلحظات تاريخية أسطورية لا توجد إلا في ذهنية النظام المخزني المغربي , والذي عمل على إنشاء تاريخ مفارق للواقع المغربي نظرا لامتلاكه ترسانة من الباحثين والمعاهد التي عهد إليها صناعة تاريخ من نوع أخر. | |
| | | | جيش التحرير المغربي أو الحلم الامازيغي المؤجل / دراسة مهداة للمعتقلين | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|