منذ أن أصبحت اللفة الأمازيغية مادة دراسية بالمدرسة المغربية برز صراع ثقافي بين مؤيد لتعليمها ومعارض لولوجها المدرسة. ولكل تعليلاته التي يقدمها. فعلى المستوى الوزاري استقبلت الأمازيغية كطفل رضيع وجب التعامل معا ببط ء، في انتظار المستقبل الغامض.
المهم أن الأمازيغية أصبحت ضمن المنظومة التربوية، لا يهم كيف؟ وكان وضعها تكميما للأفواه التي طالما نادت بإدراجها إدراجا سليما وتاما. انطلقت عملية التدريس للفة الأمازيغية، والتي اعتبرها جل الفاعلين التربويين بيضاء التلقين نتيجة الارتجالية والتسرع، وبذلك حكم عليها بالإعدام، والإعدام المبكرK سيما عندما تدرس لغة بلغة، وهذا ما يفقدها هويتها وجاذبيتها، بل يقضي عليها في مهدها نتيجة إسنادها لغير الناطقين بها. لذا فشلت التجربة نتيجة غياب التكوين الجاد والتوجيه السليم مع الخلل الحاصل في الحصص الزمنية غير الكافية، بالإضافة إلى نصوص الكتاب المقرر للأمازيغية الذي هو بعيد كل البعد عن عملية التدريس. فأغلبية كلماته لا تنتمي إلى تاريفيت ومصطلحاته تتطلب معجما لغويا أمازيغيا، والذي لا زال في خبر كان. وكذا الاعتماد على تدريس اللهجات بدلا من لفة أمازيغية واحدة موحدة. هنا نتساءل: أليس هذا تلاعبا بالأمازيغية بجعلها للاستئناس فقط؟
إن تعليم اللغة الامازيغية يجب أن يخضع لمعايير التكوين والتلقين والإتقان. فبالنسبة للتكوين يجب أن تكون هناك فترة زمنية مهمة يغلب عليها طابع الو رشات التعليمية والتمكنية. أما الإتقان فيحب أن يكون المدرس المنوط به تلقينها آهلا لذلك ومتمكنا من اللفة الامازيغية لأن المثل العربي يقول: فاقد الشيء لا يعطيه. فكيف نرغب في تعليم الامازيغية لأطفالنا من قبل غير الناطقين بها؟ فهذا تطفل ونصب على الأمازيغية. من يتحمل مسؤولية هذا الوضع؟ أهو المعهد الملكي للثقافة الامازيغية؟ أم وزارة التربية الوطنية؟ فكلاهما يلقي اللوم على الآخر في ما آلت إليه عملية التدريس للفة الأمازيغية بالمدرسة المغربية ويتبادلان التهم من حيث التقصير والتماطل.
فتدريس الأمازيغية ينبغي أن ينبني على إرادة قوية وبرنامج عملي مكثف لأنه لا يعقل أن نشرع في تلقين اللغة الأمازيغية لأطفالنا بهذا التسرع والارتجال لأن تعليم أي لفة جديدة يتطلب وضع برنامج زمني مهم للتكوين والتلقين مع إسناد اللفة الأمازيغية لأستاذ واحد، أي العمل بمبدأ التخصص، الذي لا محال سيعطي أكله دون شك حيث يتسنى للأستاذ المتخصص الاجتهاد والبحث من أجل إنجاح هذا المشروع الذي حلم به كل المغاربة وتمنوا تحقيقه على ارض الواقع. فيأيها المهتمون بالأمازيغية وكل الغيورين عليها والمسؤولين عن تعليمها، بادروا إلى نهج أسلوب عملي وجيه يرقى بتعليم اللغة الأمازيغية، وحذار ثم حذار من الخلفيات السياسية أو الخوف من الآخر، فكلنا واحد وهدفنا واحد ورغبتنا واحدة: إنجاح البرنامج التعليمي الوطني وليس التفرقة اللغوية، بل تطويره والحفاظ على استمراريته.
إن الارتقاء بتدريس اللفة الأمازيغية يتطلب إرادة قوية، وقرارا سياسيا شجاعا وواضحا.
(عبد الله ازوّاغ، أستاذ مهتم باللغة الامازيغية ـالعروي)